اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي .. وماذا ننتظر؟

تتجه أنظار المتداولين والمستثمرين والمتابعين في الأسواق المالية والاقتصادية مساء اليوم الأربعاء، 19 مارس 2025، إلى نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي حيث من المقرر أن يصدر قراره بشأن معدلات الفائدة عند الساعة 22:00 بتوقيت مكة المكرمة ويأتي هذا الإعلان عقب اجتماعات استمرت يومين وسط ترقب واسع لما ستكشف عنه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في بيانها الرسمي والذي يتضمن أيضا التوقعات الفصلية المحدثة للاقتصاد الأمريكي ويلي هذا الإعلان بنصف ساعة المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي جيروم باول حيث ستتركز الأنظار على تصريحاته وتحليلاته بشأن مسار السياسة النقدية المستقبلية. ومن المقرر أن يتضمن الاجتماع أيضا ملخص التوقعات الاقتصادية، الذي ينشر أربع مرات سنويا ما يجعله مؤشرا رئيسيا لاستشراف توجهات الفيدرالي في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

أرى ان مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بتثبيت سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند مستويات 4.50% للاجتماع الثاني على التوالي وأرى ان صناع القرار في الاحتياطي الفيدرالي سيلتزمون بنهج "الانتظار والترقب" حيث أدت بعض السياسات الاقتصادية التي اقترحها الرئيس دونالد ترامب إلى تأجيج حالة عدم اليقين بشكل كبير في الاسواق وتقويض الثقة بين قادة الأعمال والمستهلكين ودفع بالأسهم الامريكية الى المنطقة الحمراء وإثارة المخاوف والهلع من تباطؤ اقتصادي محتمل ويواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي تهديدا من توقعات التضخم المرتفعة للمستهلكين الأميركيين حيث أظهر استطلاع أجرته جامعة ميشيغان أن توقعات الأسر الأمريكية لنمو الأسعار وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل التسعينيات وتشكل الزيادة في توقعات المستهلكين الأميركيين بشأن التضخم والتي نتجت عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب تهديدا جديدا لمحاولات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لتهدئة نمو الأسعار في أكبر اقتصاد في العالم .

وستشمل التوقعات الاقتصادية "مخطط النقاط" الذي يحظى بمتابعة دقيقة حيث يعد "مخطط النقاط" أحد الأدوات الرئيسية التي يستخدمها الاحتياطي الفيدرالي لتقديم رؤية مستقبلية حول مسار أسعار الفائدة خلال الأشهر والسنوات المقبلة ويصدر هذا المخطط ضمن التوقعات الاقتصادية التي تنشرها لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية ويظهر توقعات أعضاء اللجنة التسعة عشر بشأن معدلات الفائدة المستقبلية ويعتمد المخطط على تمثيل مرئي لنقاط فردية حيث تمثل كل نقطة توقعا لعضو معين في اللجنة حول مستوى الفائدة في الفترات القادمة ومن خلال تحليل متوسط هذه التوقعات يمكن استنتاج الاتجاه العام الذي قد تتبناه السياسة النقدية وتتزايد أهمية "مخطط النقاط" في أوقات عدم اليقين الاقتصادي حيث يمنح الأسواق مؤشرات واضحة أو غامضة بشأن نوايا الفيدرالي حول تخفيض أو تثبيت أو رفع أسعار الفائدة وفي اجتماع اليوم، من المنتظر أن تقدم اللجنة إصدار جديد للمخطط والذي سيكشف عن عدد المرات التي يتوقع فيها مسؤولو الفيدرالي خفض تكاليف الاقتراض هذا العام وسط تزايد المخاوف من ركود تضخمي وهو مزيج من النمو البطيء والتضخم المرتفع وسيكون للمخطط تأثير مباشر على الأسواق حيث تتم مراقبته عن كثب لتقييم توجهات السياسة النقدية مما قد يؤثر على حركة الأسهم السندات والمعادن والنفط والعملات العالمية خصوصا مع تصاعد التحديات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية العالمية. 

المؤتمر الصحفي لـــ جيروم باول ماذا ننتظر؟؟ 
بعد صدور قرار الفائدة وبيان السياسة النقدية بما فيه التوقعات الفصلية بنصف ساعة سيبدأ المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول والتي أتوقع أن يتبنى فيها نبرة حذرة متجنبا تقديم أي إشارات واضحة حول مسار السياسة النقدية حيث من المرجح أن يعيد التأكيد على نهج "الانتظار والترقب" خاصة مع استمرار السياسات الجمركية المتغيرة وتأثيراتها غير الواضحة على النمو الاقتصادي والتضخم وقد يشدد على أن الفيدرالي بحاجة إلى مزيد من البيانات قبل اتخاذ أي قرارات مما قد يبقي الأسواق في حالة من الترقب حتى الاجتماع المقبل في 7 مايو 2025 -- التضخم سيكون محور رئيسي في المؤتمر لا سيما مع ارتفاع توقعات الأسر الأمريكية لنمو الأسعار إلى 3.9% وفقا لاستطلاع جامعة ميشيغان ومن المحتمل أن يواجه باول أسئلة صعبة حول قدرة الفيدرالي على إعادة التضخم إلى مستواه المستهدف 2% لكنه سيكرر موقفه بأن السياسة النقدية الحالية كافية في الوقت الراهن مع إبقاء الباب مفتوحا أمام أي تحركات مستقبلية وعلى الجانب الجيوسياسي سيتطرق باول إلى تأثير الصراعات العالمية على أسواق السلع والطاقة والتي ساهمت في ارتفاع تكاليف المعيشة وتعزيز المخاوف من ركود تضخمي – وهو كما ذكرنا أعلاه مزيج من النمو البطيء والتضخم المرتفع وسيشير إلى أن أي اضطرابات في سلاسل التوريد أو أسعار السلع الأساسية ستؤثر على توجهات السياسة النقدية لكنه قد يتجنب تقديم إجابات حاسمة حول كيفية استجابة الفيدرالي لهذه التطورات أما فيما يتعلق بالفائدة، فمن غير المتوقع أن يقدم باول إجابة واضحة حول توقيت خفضها، لكنه قد يلمح إلى أن الفيدرالي مستعد للتحرك عند الضرورة إذا أظهرت البيانات الاقتصادية تباطؤ ملحوظ في النهاية قد يترك المؤتمر الصحفي الأسواق في حالة ترقب وعدم يقين مع استمرار التساؤلات حول مدى قدرة الفيدرالي على موازنة التضخم والنمو وسط بيئة اقتصادية مليئة بالتحديات.... اوصيكم بالحذر والمتابعة عن كثب وكما عودناكم دوما سيقوم فريق الأبحاث والدراسات في الأكاديمية العربية للأعمال بتغطية هذا الحدث مساء اليوم على موقعنا الالكتروني قسم المدونة العامة والقناة الرسمية لي على التلجرام ومجموعات VIP المختصة بذلك وفالكم الربح والتوفيق.
المحلل المالي والتقني 
عبد الرحمن الأصفر