النظام المصرفي الأمريكي وأزمة الرهن العقاري

أخبرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إحدى لجان مجلس الشيوخ اليوم في جلسة استجواب من قبل المشرعين قائلة إن النظام المصرفي الأمريكي سليم ودافعت عن إجراءات إدارة الرئيس جو بايدن لإنقاذ المودعين في بنكين تعرضا للانهيار وإحباط عدوى مالية قد تصل لجميع قطاع البنوك الأمريكي.

تم استجواب جانيت يلين من قبل المشرعين في اللجنة المالية بمجلس الشيوخ بشأن التدخل الشديد من قبل المنظمين والمسؤولين الأمريكيين يوم الأحد الماضي لضمان جميع الودائع في بنك وادي السيليكون المنهار وبنك سيجنتشر وإنشاء برنامج من الاحتياطي الفيدرالي لتوفير السيولة للبنوك الأخرى وقالت يلين في ملاحظاتها الافتتاحية يمكنني طمأنة أعضاء اللجنة بأن نظامنا المصرفي سليم وأن الأمريكيين يمكنهم أن يشعروا بالثقة في أن ودائعهم ستكون موجودة عندما يحتاجون إليها وتظهر إجراءات هذا الأسبوع التزامنا الراسخ بضمان أن يظل نظامنا المالي قويا وأن تظل مدخرات المودعين آمنة

وتم الضغط على يلين مرارا من قبل أعضاء مجلس الشيوخ بشأن سبب المشكلة في SVB وأجابت يلين: كان هناك تهافت على البنوك مضيفة أن هناك سحب هائل للودائع أدى إلى مشاكل سيولة وقالت إنها فهمت أن SVB كان عليها بيع الأصول التي يتوقع الاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق لكنها فقدت القيمة السوقية في ضوء الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة وعلى الرغم من أن إجراءات الحكومة الأمريكية أدت إلى استقرار الأسواق في وقت مبكر من الأسبوع إلا أن الاضطراب في بنك كريدي سويس السويسري زاد من التوتر بين المستثمرين.

وأشاد معظم المشرعين الديمقراطيين بإدارة الرئيس جو بايدن لاتخاذها إجراءات لحماية النظام المصرفي وألقوا باللوم على تراجع التنظيم المالي في عهد دونالد ترامب لتمهيد الطريق للأزمة الحالية لكن بعض الجمهوريين اتهموا المسؤولين الأمريكيين والمنظمين بإساءة إدارة النظام المالي من خلال إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة للغاية لفترة طويلة جدا خلال جائحة فيروس كورونا مما أدى إلى زيادة التضخم وإجبار مجلس الاحتياطي الفيدرالي على زيادة أسعار الفائدة بسرعة كبيرة مما أضر ببعض البنوك.. وقال مايك كرابو عضو مجلس الشيوخ وأكبر الجمهوريين في اللجنة المالية لقد لعب التضخم دورا رئيسيا في إخفاقات البنوك الأخيرة حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة وسوء إدارة مخاطر أسعار الفائدة إلى أزمة سيولة

بينما قال البعض أن تصرفات جو بايدن كانت مناسبة وانتقدها البعض الآخر ووصفها بأنها خطة إنقاذ خطيرة أخرى لكن في ملاحظاتها الافتتاحية أمام اللجنة بررت يلين تحركات الإدارة الامريكية إلى جانب تحركات الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع وقالت اتخذت الحكومة إجراءات حاسمة وقوية لتعزيز ثقة الجمهور في نظامنا المصرفي صباح الاثنين وكان العملاء قادرين على الوصول إلى جميع الأموال في حسابات الودائع الخاصة بهم حتى يتمكنوا من إعداد كشوف المرتبات ودفع الفواتير

افتتح رون وايدن الرئيس الديمقراطي للجنة المالية بمجلس الشيوخ الجلسة بالإقرار والاعتراف بأن الأعصاب متوترة في أعقاب الإخفاقات المصرفية لكنه دعا الجمهوريين إلى التخلي عن مقاومتهم لزيادة سقف الديون الأمريكية دون أي شروط ورداً على سؤال من بوب مينينديز السناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي قالت يلين إن الإخفاق في رفع سقف الديون وما يترتب على ذلك من تخلف عن سداد ديون الحكومة سيكون مدمراً بالكامل وأضافت يلين هذا هو حجر الزاوية في ما يجعل أسواقنا المالية هي الاستثمار الأكثر سلامة في العالم  ويثق الناس في أن الحكومة مستعدة لدفع فواتيرها قائلة إن الآثار المترتبة على التخلف عن السداد المحتمل لا تفكر فيها لان تداعياتها كارثية. 

ونبقى في سياق متصل فقد اضافت تداعيات فشل البنوك المزيد من المعاناة في سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة وأثارت تقلبات السوق الناجم عن فشل ثلاثة بنوك في الأسبوع الماضي الى فزع المتداولين في الأوراق المالية الأمريكية المدعومة بالرهون العقارية الحيوية اقتصاديا وكانت سوق حزم قروض المنازل الأمريكية البالغة 11 تريليون دولار تشعر بالفعل بضغوط أسعار الفائدة المرتفعة في العام الماضي مما أدى إلى ارتفاع هوامش العائد الإضافي على سندات الخزانة الأمريكية الخالية من المخاطر الذي يطلبه المستثمرون للاحتفاظ بسندات الرهن العقاري بشكل أسرع وقد أدى ذلك بدوره إلى رفع معدلات الرهن العقاري وساعد على خفض طلبات شراء المنازل الجديدة في فبراير إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 20 عام بما في ذلك الاستثمار والإيجارات والخدمات الأخرى والذي يمثل ما يقرب من سدس الاقتصاد الأمريكي الامر الذي سلط الضوء على الحالة الهشة لعالم الرهن العقاري

الوضع الراهن لا يمكن ان يأتي لمصلحة بناة المنازل الذين يكافحون التضخم وأصحاب المنازل غير القادرين على الحركة بسبب القفزة في تكاليف الاقتراض التي قد يواجهونها على قرض جديد مقارنة بصفقتهم الحالية ذات السعر الثابت المحددة عندما كانت الأسعار أقل بكثير ولكن معنويات السوق التي أعقبت حركة الأسعار هذا الأسبوع تشير إلى ان الوضع مقلق الى حد بعيد ..... قد تحمل رسالة جانيت يلين رسالة اطمئنان الى الأسواق لكن المتعمق في الأمور يرى ان الوضع في الولايات المتحدة وكما اخبرتكم في بداية العام يسير الى مشاكل اقتصادية جديدة ولعل ما حدث في افتتاح جلسة يوم الاثنين وتحركات الأسواق والأدوات المالية والانهيارات هي مقدمة للكثير من الصدمات الاقتصادية اللاحقة هذا العام وكما عودتكم دوما على وضعكم بصورة كل جديد سأستمر هذه الفترة بوضع العديد من المقالات الهامة التي تهم كل مستثمر ومتداول وفالكم الربح والتوفيق دوما 

المحلل المالي والتقني 
عبد الرحمن الأصفر