أسعار النفط بين مطرقة زيادة إنتاج أوبك+ وسندان ضعف الطلب هذا الأسبوع

تواصل أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI) تحركاتها المتواضعة متراجعة بالقرب من أدنى مستوياتها في أسبوع والتي لامستها خلال تداولات يوم الجمعة دون أن تظهر أي محاولات جادة للتعافي حتى الآن. ويتداول الخام حاليا بالقرب من منتصف نطاق 65.00 دولارًا للبرميل، وسط مزيج من المؤثرات الأساسية المتضاربة التي تجعل من الصعب تحديد اتجاه واضح للأسعار في المدى القصير.
في مقدمة العوامل الضاغطة، جاء قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها ضمن تحالف "أوبك+"، يوم الأحد برفع إنتاج النفط بمقدار 547 ألف برميل يوميا لشهر سبتمبر، وهو ما يعكس رغبة التحالف في تلبية الطلب العالمي، لكنه يتعارض مع الصورة القاتمة لنمو الطلب، خصوصًا بعد بيانات الوظائف الأمريكية المخيبة للآمال، والتي أعادت إشعال المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي وبيانات سوق العمل الأمريكي التي صدرت يوم الجمعة أظهرت أن الاقتصاد أضاف 73,000 وظيفة فقط في يوليو، مقارنة بتوقعات عند 110,000، مع مراجعات كبيرة بالسلب لشهري مايو ويونيو. هذه الأرقام كانت بمثابة ضربة قوية لثقة الأسواق، وأثارت حالة من القلق بشأن تباطؤ النمو في أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما يهدد بشكل مباشر الطلب على الطاقة والنفط الخام.

تضاف إلى ذلك السياسات التجارية المتقلبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تزيد من التوتر في الأسواق العالمية. وقد ازدادت الضغوط مؤخرا بعد أن هدد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الهند بسبب استمرارها في شراء النفط من روسيا، مما يعكس تصعيدا جديدا في السياسة التجارية الأمريكية، ويضع المزيد من الضغوط على تدفقات النفط العالمية ورغم هذه الخلفية السلبية فإن هناك بعض العوامل التي تقلل من حدة التوقعات الهبوطية فقد ساهمت المخاوف بشأن انخفاض المعروض الروسي نتيجة العقوبات الغربية في دعم الأسعار ولو بشكل مؤقت إذ لا تزال الأسواق تراقب عن كثب آخر تطورات الحرب في أوكرانيا والمفاوضات المتوقعة بين موسكو والغرب بشأن وقف إطلاق النار. أي تعثر أو تصعيد في هذا الملف قد يؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات، وهو ما يوفّر دعمًا نسبيًا للأسعار.

في ظل هذه المعطيات المتضاربة، يفضل المستثمرون التحلّي بالحذر قبل اتخاذ قرارات قوية على اتجاه السوق وينتظر المتداولون خلال اليوم صدور مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الأمريكي الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM)، والذي من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على حركة الدولار الأمريكي، وبالتالي على أسعار النفط الخام نظرًا للعلاقة العكسية بين الدولار والسلع المقومة به في السياق ذاته، يراقب السوق أيضًا إشارات السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، حيث إن القبول المتزايد في الأسواق بفكرة أن البنك المركزي قد يستأنف دورة خفض الفائدة في سبتمبر قد يُحد من ارتفاع الدولار، مما قد يوفر متنفسا مؤقتًا لأسعار النفط ومع ذلك، فإن الصورة العامة لا تزال تميل للحذر، حيث تستمر الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية في تشكيل مشهد معقد لسوق الطاقة في المجمل، تقف أسعار النفط الخام عند مفترق طرق، بين ضغوط الإنتاج المتزايد ومخاوف الطلب، وبين احتمالات تراجع الدولار ومخاطر المعروض الجيوسياسي، مما يجعل من الضروري متابعة التطورات بعناية قبل اتخاذ قرارات استثمارية حاسمة.