اختيار رئيس الفيدرالي القادم: خطوة قد تعيد رسم التوقعات الاقتصادية

تشير التطورات الأخيرة في المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي إلى أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب يستعد للإعلان قريبا عن مرشح جديد لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في خطوة قد تترك أثرا على سياسة البنك المركزي وسوق العملات ولا سيما على أداء الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة ففي مقابلة أجراها ترامب مع شبكة CNBC أشار إلى أنه استبعد وزير الخزانة الحالي سكوت بيسنت من قائمة المرشحين لخلافة جيروم باول وحدد أربعة أسماء رئيسية يتصدرهم كل من كيفن وارش وكيفن هاسيت، بالإضافة إلى احتمال إدراج كريس والر وديفيد مالباس ضمن الدائرة المصغرة للترشيح واللافت أن الإعلان عن المرشح الجديد قد يأتي في وقت أقرب من المتوقع إذ ألمح ترامب إلى إمكانية تعيينه ليشغل المقعد الشاغر الذي خلفته العضو المستقيلة أدريانا كوغلر بدلا من الانتظار حتى انتهاء ولاية باول في يناير المقبل.

في خضم هذه التوقعات، تسلط الأسواق الضوء على الشخصية التي سيتم اختيارها حيث أن كل مرشح يحمل توجها اقتصاديا وسياسيا مختلفا من شأنه التأثير في التوجه المستقبلي للسياسة النقدية الأمريكية - وارش على سبيل المثال يعتبر من أكثر الشخصيات تشددا في السياسة النقدية ويتبنى رؤية اقتصادية قريبة من نظريات ميلتون فريدمان حيث يرى التضخم ظاهرة نقدية بحتة تتطلب معالجات حاسمة. في حال تم ترشيحه قد يشكل دعما للدولار الأمريكي ويبعث برسائل حازمة للأسواق بشأن استقلالية الفيدرالي ونيته في مكافحة التضخم بشكل جدي وقد يكون والر ثاني أفضل خيار من منظور الدولار أما في حال تم اختيار هاسيت أو مالباس فالتوقعات تميل إلى أن يُنظَر إليهما على أنهما أكثر ميلاً لاتباع رغبات ترامب وهو ما قد يُنظر إليه على أنه تدخل سياسي في استقلالية البنك المركزي مما يضعف الثقة في حيادية قرارات السياسة النقدية ويزيد من احتمالات تبني توجهات أكثر تساهلاً تجاه أسعار الفائدة.

تزامن هذا مع إعلان ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية جديدة الأسبوع المقبل تستهدف قطاعي أشباه الموصلات والأدوية، في خطوة قد تزيد من التوترات التجارية مع الصين رغم تصريحات ترامب بأن الهدنة التجارية مع بكين "قريبة جدًا" من التمديد، إلا أن القلق من عودة الحروب التجارية ولو بشكل جزئي يُلقي بظلاله على معنويات المستثمرين، خصوصا في ظل ضعف بيانات مؤشر ISM للخدمات، والتي ساهمت في كبح تعافي الدولار مجددا من جهة أخرى يترقب السوق هذا الأسبوع خطابات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، ليزا كوك وسوزان كولينز، واللتين يُعرف عنهما ميلهما لتيسير السياسة النقدية. في ظل بيانات سوق العمل الأخيرة التي جاءت أضعف من المتوقع، قد يدفع ذلك بأعضاء الفيدرالي نحو دعم خفض محتمل لأسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر وبالتالي من المرجح أن يستمر التحيز الضعيف للدولار خلال الأسبوع الجاري، مدفوعا بتوقعات السوق المتزايدة بإعادة تسعير سياسية أكثر تساهلاً، ووسط حالة الترقب لقرار ترامب بشأن المرشح الجديد للفيدرالي، والذي قد يكون له تأثير مباشر على ديناميكية السياسة النقدية في الاجتماعات الثلاثة المقبلة هذا العام.