الاقتصاد الباكستاني ينهار وسط توالي الأزمات عليه .. فما هي أبرز أسباب انهياره؟
الاقتصاد الباكستاني ينهار وسط توالي الأزمات عليه .. فما هي أبرز أسباب انهياره؟
لم يتبق لدى الدولة الآن أي شيء في احتياطياتها من العملات الأجنبية؛ إذ تمتلك الآن 3 مليارات دولار فقط ستغطي أقل من 3 أسابيع من الواردات. كما بلغ تضخمها عنان السماء بأكثر من 24 %، بل والأسوأ أن الروبية الباكستانية في حالة سقوط حر وانخفضت بنسبة 32% مقابل الدولار الأمريكي خلال الـ 12 شهرا الماضية.
ولم تظهر تلك المشكلات بين عيشة وضحاها، بل كانت هناك الكثير من الأشياء الصغيرة تتراكم على مر السنين بعضها بسبب الجشع السياسي والحماقة. فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى بضع سنوات قبل عام 2018، نجد أن الحزب الحاكم أبقى بشكل مصطنع على قيمة الروبية الباكستانية قوية مقابل الدولار الأمريكي. وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، أرادوا أن يخدعوا أنفسهم ويزعموا أن الاقتصاد كان مستقرًا؛ لكنهم أنفقوا بالفعل 7 مليارات دولار على هذا الجهد. واتضح أن العملة القوية كانت لعنة.
فعندما تكون العملة قوية، يفكر الشركاء التجاريون مرتين قبل أن يشتروا سلعك وخدماتك؛ لأنهم قد يشعرون وكأنهم ينفقون الكثير من المال، فإن القيمة التي يمكنهم استخلاصها من أموالهم تنخفض، مما يؤذي بدوره صادراتك. وعلى الجانب الآخر، يمكن أن ترتفع الواردات، ببساطة لأن نفس المبلغ من المال يمكن أن يشتري نفس القدر من الأشياء عامًا بعد عام. لا يتأثر استيراد الأشياء بالتضخم. لذلك يمكن الوصول بسهولة إلى المنتجات الأجنبية. وتتضرر البدائل المحلية.
وقد أدى هذا الوضع إلى تضرر الصادرات وارتفاع الواردات. ففي الفترة من عام 2015 إلى عام 2018، انخفضت الصادرات من 10.60% إلى 8.50% من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الجانب الآخر، ارتفعت الواردات من 17% إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومؤخراً، كان هناك قرار سياسي يتعلق بالنفط، فمع ارتفاع أسعار النفط في عام 2022، رفعت بقية دول العالم أسعار البنزين، وحتى السلطات الباكستانية قدمت توصية بضرورة زيادة أسعار البنزين، ولكن بخلاف قرر عمران خان أن يخفض أسعار النفط، حيث أراد استرضاء الناخبين. لكن هذا جاء بتكلفة باهظة بلغت 250 مليار روبية باكستانية. كانت أموالاً لم تكن تمتلكها باكستان.
وحتى السياسات الاقتصادية التي كان من المفترض أن تساعد البلد لم يكن لها الأثر المنشود، مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، أقرضت الأموال لدول مثل باكستان لبناء الموانئ والبنية التحتية، وشاركت باكستان في الخطة أيضًا. وشعرت أن هذه طريقة رائعة لتحسين بنيتها التحتية. لذلك انتهى الأمر باقتراض أكثر من 30 مليار دولار، لكن باكستان لم تكن تستفيد حقًا لأن الصين جلبت العمالة والمواد الخاصة بها؛ ولم يساعدها ذلك في نمو الاقتصاد المحلي.
وفي عام 2019، أطلقت الولايات المتحدة تحذيرا لباكستان، حيث قالوا إن القروض كانت مرتبطة بشروط كثيرة. وأن باكستان ستواجه وطأة ذلك في 4 سنوات أو نحو ذلك عندما يحين موعد السداد.
وجاءت الكوارث الطبيعية لتدق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد الباكستاني، ففي منتصف عام 2022، اجتاحت الفيضانات البلاد، وتم تدمير المحاصيل، ومثال على ذلك: القطن، تعد باكستان رابع أكبر مورد للقطن في العالم وتساهم المنسوجات بنحو 60٪ من صادراتها. وبدون القطن، توقفت صناعة النسيج التي كان يعمل بها 10 ملايين شخص بشكل مفاجئ. تضررت عائدات الصادرات بشدة.
خلاصة القول، الوضع يزداد سوءًا، وما لم تجد باكستان علاجا سحريا لزيادة إيراداتها وخفض النفقات، فإن الخروج من هذه الفوضى سيكون صعبًا، والمخرج الوحيد هو الاستمرار في اقتراض المزيد والمزيد من الأموال من صندوق النقد الدولي.
قسم الدراسات والأبحاث - الاكاديمية العربية للاعمال
27-2-2023