الدولار يقلص مكاسبه بعد بيانات أمريكية ضعيفة

الدولار يقلص مكاسبه بعد بيانات أمريكية ضعيفة
ارتفع الدولار الأمريكي مقابل مجموعة واسعة من العملات يوم الجمعة بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني والعملات المرتبطة بالسلع الأولية مثل الدولار الأسترالي مع قيام المستثمرين بتوحيد مراكزهم قبل عطلة نهاية الأسبوع وتطلعهم إلى المزيد من بيانات التضخم الأسبوع المقبل ومراقبة عناوين الرسوم الجمركية، لكن الدولار قلص مكاسبه بعد بيانات ستاندرد آند بورز جلوبال يوم الجمعة التي أظهرت أن نشاط الأعمال في الولايات المتحدة هبط إلى أدنى مستوى في 17 شهرا هذا الشهر. وهبط مجددا بعد الانخفاضات التي شهدها تقرير معنويات جامعة ميشيجان وبيانات مبيعات المساكن القائمة في الولايات المتحدة.
وعانى اليورو من ضغوط بعد سلسلة من مسوحات نشاط الأعمال، التي أظهرت انكماشاً حاداً في فرنسا وتحسناً طفيفاً فقط في ألمانيا، وهما المحركان التقليديان للنمو في منطقة اليورو، وتراجع الين إلى مادون 150 مقابل الدولار، مدعوماً بعمليات بيع السندات الحكومية اليابانية التي دفعت العائدات إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2009، بعد أن بلغ التضخم الأساسي الوطني ذروته في 19 شهراً خلال يناير (كانون الثاني)، مما عزز التوقعات بمزيد من رفع أسعار الفائدة في اليابان. إلا أن رئيس بنك اليابان، كازو أويدا، سارع إلى تهدئة الزخم، مشيراً إلى أن البنك المركزي يمتلك الأدوات اللازمة للحد من ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل عبر شراء السندات الحكومية.
ورغم ارتفاع الدولار يوم الجمعة أمام الين، فإنه كافح لاكتساب الزخم في الأسابيع القليلة الماضية، مسجلاً تراجعاً بنسبة 1.8 في المائة في فبراير (شباط)، ما يجعله متجهاً نحو أكبر انخفاض شهري له منذ سبتمبر (أيلول)، ولم تتحقق بعد التهديدات الجمركية التي أطلقها ترامب، بينما لا تزال أرباح الشركات في الربع الرابع قوية، وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد الأميركي يسير على المسار الصحيح. إلا أن هذه العوامل لم تكن كافية لإثارة شهية المستثمرين لشراء المزيد من حيازات الدولار، وقالت جين فولي، كبيرة استراتيجيي العملات في «رابوبانك»: «لا أعتقد أن ترامب سيمضي في فرض رسوم جمركية واسعة النطاق بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات... لكن، في المقابل، هناك احتمال لفرض رسوم إضافية، خاصة على أوروبا. ربما يكون السوق قد استرخى أكثر مما ينبغي.»
وعلى الرغم من تهديداته المتكررة، لم يفرض ترامب سوى رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية، وأجّل فرض الرسوم على المكسيك وكندا، مستهدفاً بعض الصناعات الفردية برسوم أقل حدة مما كان متوقعاً. وفي خطوة جديدة، كشف ترامب هذا الأسبوع عن خطط لفرض رسوم على واردات الأخشاب، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري جديد مع الصين.
ومع تراجع الدولار، ارتفع الين بنسبة 0.6 في المائة خلال تعاملات يوم الجمعة، بعد أن شهد يوم الخميس أكبر قفزة يومية له منذ نحو ثلاثة أشهر، بارتفاع نسبته 1.23 في المائة، كما عززت بيانات يوم الجمعة التوقعات برفع أسعار الفائدة في اليابان، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلك الأساسي ارتفاعاً سنوياً بنسبة 3.2 في المائة، متجاوزاً التوقعات عند 3.1 في المائة. وفي وقت تستعد فيه البنوك المركزية الأخرى لخفض أسعار الفائدة، يمكن لهذا التوجه أن يمنح الين مزيداً من الدعم، وقد ارتفع الين بنحو 3.2 في المائة حتى الآن في فبراير (شباط). ورغم أن الأسواق لا تتوقع رفعاً آخر لأسعار الفائدة قبل سبتمبر، فإن هناك احتمالات ضئيلة لحدوث ذلك في مايو، ويرى جين موتيكي، استراتيجي العملات في «نومورا للأوراق المالية»، أن نطاق انخفاض الين إلى ما دون 150 لا يزال محدوداً. وأضاف: «قد يتدخل مسؤولو بنك اليابان لكبح توقعات السوق إذا أصبحت رهانات رفع الفائدة مفرطة، كما أن خطر فرض رسوم جمركية أميركية إضافية قد يدعم الدولار مجدداً».
وتراجع اليورو بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.0479 دولار، لكنه يتجه نحو تحقيق مكاسب شهرية بنسبة 1.1 في المائة. إلا أنه مقابل سلة من العملات الرئيسية، انخفض بنسبة 0.5 في المائة، متجهاً نحو خامس انخفاض شهري على التوالي، وبينما تلوح في الأفق مخاوف تتعلق بالرسوم الجمركية الأميركية، والاقتصاد المستقر، وضغوط ترمب لجعل الدول الأوروبية أكثر اعتماداً على تمويل دفاعها، فإن هذه العوامل قد تؤثر على توجهات المستثمرين تجاه العملة الموحدة، كما تتجه الأنظار إلى الانتخابات الألمانية المقررة يوم الأحد، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى فوز ائتلاف محافظ، مما قد يكون له تأثير ملموس على توقعات النمو الاقتصادي في أكبر اقتصاد أوروبي.
وفي المقابل، حافظ الجنيه الإسترليني على تداوله قرب أعلى مستوياته في شهرين، مسجلاً 1.2654 دولار، بعد بيانات أظهرت ارتفاع مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة أكثر من المتوقع خلال يناير (كانون الثاني)، أما اليوان الصيني، الذي لامس يوم الخميس أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر، فقد شهد بعض الضعف خلال تعاملات يوم الجمعة، مما دفع الدولار للارتفاع بنسبة 0.3 في المائة إلى 7.2559 يوان في السوق الخارجية.